coffee

coffee

Wednesday, June 27, 2012

ثوار...و اموات وادى النيل



لقد أحترت كثيرا فى اختيار عنوان لهذا المقال و كيفية وصف الوضع الراهن فى جملة واحدة, و فى النهاية استقر اختيارى على اقتباس العنوان من الجملة الختامية لاغنية مطرب الثورة رامى عصام عن الانتخابات.... الثورة العمال و الطلبة و الباقى فى
فى وادى النيل اموات
 
هذا ما أشعر به فعلا منذ زمن بعيد حتى ما قبل الثورة , فطالما أحسست اننى اعيش مع اموات لايشعرون و لا يغضبون و لا يثورون...أعيش مع مجموع من الاموات اكلينيكيا يستطيعون فقط التنفس عن طريق الاجهزة الاستبدادية الصناعية و لا يتحملون فصلها عنهم و الا توقفت قلوبهم عن النبض...
 
كيف تاتى للمجتمع المصرى ان يتحول الى هذه الحالة المأساوية و كيف له ان يتحمل و يصبر و يقبل بحلول و أوضاع لا تقبلها الا أعتى الشعوب غباءاً و عبودية....و نرى فى النهاية انه يثور و يخرج على الشرعية بالصدفة
 
و لكن بعد تفكير مرير و محاولات كثيرة لتقبل الاوضاع و تهدئة نفسى الحزينة برغم تفاؤلى الدائم عن بالثورة و المستقبل , توصلت الى أن هذا الشعب له طبيعة خاصة جدا منذ قديم الازل تجعلك لا تستطيع التنبؤ بما سيفعل و ان اعتقد حكامه العكس , فهذا الشعب يثور عندما تفقد فيه الامل تماما و تفاجأ باشياء تجعلك مزبهل بما قد يفعله الشعب المقهور بحكامه و تفاجأ اكثر عندما يصدمك بسلبيته المميتة بعد ذلك
 
 
و توصلت أيضا اننى يجب أن أعذر هذا الشعب مرة ثانية هذه الايام كما فعلت طوال الخمسة عشر شهرا الماضية لانه لاقى من الظلم و القهر و الاجحاف ما لا تطيقه الشعوب و ما جعله يلجا الى هذه الحالة من الجهل و الياس و الخضوع 
عقود من التهميش و تشويه الشخصية المصرية ,و ارساء مبدأ الجبن سيد الاخلاق و المشى جنب الحيط و يا حبذا بداخله و جعلهما سويا أبو القرارات الحكيمة, بمهارة شديدة لا تتقنها الا أكثر الانظمة الفاشية ذكاءا و دهاء لضمان استمراريتها و ما يضمن لها أيضا سهولة استحمار شعوبها
 
جهل , أمية , حرمان من ممارسة أبسط حقوق المواطنة , جبن ,ضعف ,قلة حيلة, قبول الذل فى مقابل رغيف العيش , تلوث ,أمراض , تعود على رؤية كل ما هو قبيح حتى أصبح القبح جزء من الثقافة المصرية اليومية...و كل هذه المآسي أدت الى انتاج نوعية "المواطن الميت" الذى لا يعرف الا انه كائن ولد وتربى و ترعرع فى وطن جعله يشعر بعدم قيمته كانسان و يقبل بالاوضاع المهينة التى فرضت عليه فرضا
 
هذا المواطن اذا حدثته عن حقوقه و عن امكانية تحويله من كائن مطحون الى انسان ذو قيمة و له حقوق...نظر اليك نظرة كلها استغراب و كانك تتحدث عن جنته التى يتمناها فى الاخرة و لم يوعد الا بها لانه تحمل فى الدنيا..و لم يحدثه احد عن امكانية حدوث ذلك فى الدنيا....فهى بالنسبة له احلام احلام او لانه لا يعلم من الاصل بوجود هذه الاشياء او انها من حقوقه
هو لا يعرف يا ولداه الا الذل و لم يتعود الا على الهوان و هضم الحقوق
 
كيف تصل الى عقلية هذا المواطن الميت...أهناك أمل فى تغييره ام أنه قد فات الاوان ؟؟؟
 
هل يستطيع ان يتغير أم أنه من الافضل العمل على توعية الاجيال الجديدة و التى هى أمل مصر و الذين رأيت فيهم فطنة و ذكاء و ثقافة ما لم أراه فيمن هم أكبر منهم سنا و خبرة و من هم على درجات علمية ووظائف مرموقة...هذه الاجيال التى تلعب الان لعبة الثورة فى وقت الفسحة و يتكلم ذو الثامنة و التاسعة ربيعا منهم عن الديمقراطية و الحقوق السياسية 
 
فهل من الافضل التركيز معهم و ترك الاخرين ؟؟؟
كلها اسئلة تدور فى رأسى كثيرا
 
 
لا استطيع ان أنكر أننى قد يصيبنى الاحباط فى أحيان كثيرة و لكن سرعان ما أرجع الى صوابى و أحاول أن أخرج خارج شرنقة المؤامرة الكبرى و التى اصبحت جزء من حياتنا اليومية فى مصر ,أحاول أن أرى الجانب المضىء فيما يحدث و هو أن ثورتنا فى مجملها جميلة برغم كل ما حدث لها من تشويه و ما شابها من غلطات و أفعال غير محسوبة
 
فهى ثورة دعا اليها و بدأها الاغنياء من أجل المطالبة بحقوق الفقراء....و هو ما أراه مثالية زائدة فى زمن ندرت فيه المثاليات
 
وأعتقد من وجهة نظرى حتى تظل الثورة مستمرة, يجب على كل فرد مؤمن بها و بالتغيير ان يتحمل مسئولية الاجيال القادمة
 
فاما أن نحولهم الى أجيال تشبهنا فى كل شىء أو نجعلهم جيل أفضل قادر على التغيير و تحقيق ما لم نستطع الوصول اليه...فالثورة ليست ميادين التحرير فقط...الثورة هى القدرة الحقيقية على التغير و التغيير...التغيير سوف يستلزم عقود لازالة كل القاذورات و العفن المترسب فى عقولنا...و ان لم تتوفر القدرة على التغيير فهذا معناه موت الانسان
 
و أيضا الحفاظ على الفكرة...الثورة فكرة ...الثوار فكرة...فكرة يجب ان تظل حية و نظيفة امام الاجيال الصغيرة التى ترانا و تتعلم مننا
 
اذا ماتت الفكرة...مات الامل
 
و هذا فى رأيى السبيل الوحيد للقضاء على اسطور المواطن الميت ارحنا الله منها قريبا

يمكنكم قراءة المقال كاملا على موقع مباشر