أنا المواطن الفاشى
صاحب الفكر الشمولى
لا صوت يعلوا فوق صوتى
لا رأى غير رأيى
لا دين غير دينى
لا حزب غير حزبى
لا اتجاه غير اتجاهى أنا و عشيرتى و قطيعى
أنا.......أنا و من بعدى الطوفان
لا أسمح بالتواجد أو بالشىء الذى تسمونه التعايش
لا أسمح بالتعددية
تربيت على الحكم الشمولى و المركزية و سلطة الحزب الواحد و الدين الواحد و
الشخص الواحد
لا أعرف غير الديكتاتورية و سياسة القطيع
لم أعرف فى مدرستى كلمة حرية
لم اتعلم فيها معنى النقاش البناء او الاستماع الى الاخر
لم أتعلم فى الجامع أو فى الكنيسة كيف يكون الجدال البناء الغير عقيم
لم يسمح لى فى بيتى بالجدال او ابداء رأيى او حتى الحلم خارج نطاق الاسرة و
المجتمع...فقط أنفذ أحلامهم .......هم فقط
و بعد كل هذا....كيف تكون النتيجة عندما تهتز الارض من تحتى.......؟؟؟
ماذا سيكون رد فعلى انا و أشباهى فى المجتمع و الذى نمثل فيه الاغلبية
العظمى...؟؟؟
ماذا سيحدث عندما يلتقى كل مننا بالاخر داخل ذاته......ذلك الاخر الذى تم
كبته لسنوات دون السماح له بأى مجال للتنفيس
هل ستتحكم فينا غريزة البقاء...و و يطل هذا الكائن الديكتاتورى من خلال
ازرار قمصاننا ليطل برأسه و يتفقد الامور....و يتسائل هل الفرصة سانحة لاطل بأكملى
على الاخرين
و لم يكن هناك فرصة أفضل من ذلك.....فالمجال مفتوح أمامنا ..أمام شعب مكبوت
لعقود طويلة...او حتى طوال عمره...فلا أذكر فترة مارس فيها الشعب كامل حريته
هل ستتحكم "الانا" فينا و تسلط السيوف على الرقاب...؟؟؟
الانا....انا لا اعرف ذلك المصطلح.....و لكننى استطيع ان أسلط السيف على
رقبة من يعارضنى أو يختلف معى....أستطيع أن أكفره , أستطيع أن أتهمه بالخيانة و
العمالة , أستطيع و أستطيع....وأستطيع
جاءت ثورة يناير أو كما أحب أن أطلق عليها "خضة يناير" لتضع مرآة أمام كل شخص مننا , ليرى حقيقة ذاته و ليرى نفسه
التى ظلت مختبئة لسنوات بداخله تتجول بين الدماء و الانسجة حتى تجد لها مخرج ملائم
تتنفس منه
نفسه البشرية التى كانت لا تقوى حتى على الظهور أو عن الاعلان عن نفسها
جاءت لتقلب جميع الموازين و تطيح بكل المعقول و اللامعقول...و أتت على
الجميع بطوفان التغيير و التعبير
و ظل المواطن المصرى يتأرجح لمدة ثلاث سنوات من عمر الثورة محاولا الامساك
بأى حبل أو خيط يدله على مكان يحميه......على يابسة بعيدا عن الامواج العاتية
ووقت الطوفان ..."خلى ابنك تحت رجليك"
و أصبحت الشمولية أسلوب حياة ...فهذا ما عهدناه فى كل شىء و لانعرف غيره
الاصدقاء اصبحوا غرباء ,
العائلة الواحدة تفتتت ,
زملاء العمل أصبحوا أعداء
"كارثة" .........لفظ يقوله الكثيرون
و لكن ماذا تنتظرمن شعب لم يعرف قط الديمقراطية و لم يمارسها بل يهابها و
يخشى تطبيقها
لا يفهم معنى حرية الرأى و تقبل الرأى الاخر
هل تستطيع تغييره .....؟؟؟
أتستطيع أن تغير من أصبح يدير رأسه للخلف ليرى حياته , فهى بالنسبة له قربت
على الافول...؟؟؟
أتستطيع ان تنقذ حياة من أصبح يفعل نفس الشىء فى عز شبابه و يتمنى الموت
....؟؟؟
هل لبلد تحكم بنظام أوليجاركى ان تنتفض فى يوم من الايام و تمارس
الديمقراطية...؟؟
سؤال محير , حتى خبراء العالم السياسيون فشلوا فى ايجاد اجابة له
و بعد محاولات كثيرة باءت بالفشل للتعايش...
و بطبيعة الشعب المصرى المبدع...,
فقد توصلنا الى نوع جديد يرضى بعض الاطراف و ليس كلها, لان هناك أطراف غير
مرغوب فيها من الاساس
فبعد أن أبدع كل مننا فى زنق أخوه فى الزاوية اللى يختارها له , فلول ,
ثورجى , نكسجى , اخوان , سلفى , خاين , ثورى اهبل , كنبة ...الخ الخ
و لا يمكننا ان ننكر أننا كلنا فاشيون...كلنا مارسنا الديكتاتورية على
بعضنا البعض و لو مرة
و ليس هناك أقوى من سماعى لحديث امراة مجهولة لم أرى حتى وجهها و لكننى
سمعتها تتحدث من كابينة العلاج الطبيعى خاصتها خلال الشهر الماضى عندما كنت اخضع للعلاج
انا أيضا...
سمعتها و هى تتحدث الى طبيبتها المعالجة و تقول لها أنها أصبحت تخشى كل
الناس , تخشى أن تتحدث أو أن تعبر عن رأيها حتى لا تدخل فى نقاشات قد تفقدها شخص
عزيز عليها بسبب اختلاف الاراء
و لا يوجد أبشع من استباحة الدماء لمجرد الاختلاف فى الرأى او فى العقيدة
و بعد كل هذا....,
توصلنا الى حل وسطى جميل ....يعبر عن المرحلة
و هو" الشمولية الوسطية الطرية "
نوع جديد منها يمارسه الشعب المصرى الان بما أنه أصبح له دور فى الحياة
بفضل 25 يناير المجيدة
فبعد سنوات طوال من الشمولية المقننة و التى ظل النظام يمارسها بتصدير
أحزاب كارتونية للمشهد السياسى للتغطية على خباثة الحزب الحاكم و اظهاره بمظهر
الحزب الاوحد القادر على حكم مصر بما ان البقية هم حفنة من الاراجوزات و البلهاء
فى نظرهم و نظر الشعب
و بدلا من الشمولية الحادة القاطعة
و " يا أنا و مفيش غيرى "
أصبح الان دور الشعب فى الاختراع و الجهبزة و التفكير برة الصندوق
و بعد 3 سنوات من شمولية فكرية....أصبح الان من حقك ان تختلف معى , و من
حقك ان تترشح للرئاسة وأن ترشح من تختار
اذن.....سوف أترك لك الحبل لتشنق به نفسك
و فوق هذا سوف ادعمك " عشان أجيبك على حجرى و افطسك "
هذا ما حدث فى الايام الماضية فى سباق التوكيلات بين السيسى و صباحى
و من بعدها الدعاية الانتخابية لمرشحى الحملتين
فبرغم ان الاغلبية العظمى قد حسمت موقفها من الانتخابات و بالطبع الحسم
معروف لأى طرف
الا ان الكثير من مؤيدى "السيسى" قرروا أن يجربوا الاختراع الجديد حتى لا يكون
الشكل العام للموقف بايخ و طعم الطبخة ماسخ
فجمع منهم الكثير من التوكيلات لصباحى
حتى يستطيع خوض السباق الرئاسى
و لا نكون أمام العالم الشعب الذى دعم الانقلاب و شكلنا ميبقاش وحش
و بدلا من أن تكون " يا أنا يا أنت "
أصبحت " أنا و أنت والشيطان ثالثنا ...لحد ما أجيبك على الارض و افضل
أنا فى الاخر و أوريه ان أنا الكبير برده "
و بدلا من أن تكون لعبة النظام و السياسيين ,,,, أصبحت أيضا لعبة الشعب
و يحاول الكثيرون من الطرفين اظهار الشعور بالرضا للسباق الرئاسى الميمون
و أن وجود الطرف الاخر لا يؤثر على أى شىء , بل بالعكس هو يقنن الحياة
الديمقراطية فى نظرهم و هم فى داخل الكثيرين منهم يعلمون الحقيقة جيدا
و لكن الصمت و الانكار سيدا الموقف
فى النهاية و بدون تطويل أكثر من ذلك....حتى لا افقد سياق الموضوع الاساسى
سنظل نخترع و نبدع فى الاساليب الجديدة للتعايش فى الفترة القادمة و ايجاد
حلول لاخماد النار و هذا طبيعى و حدث كثيرا من قبل لشعوب أخرى و سيحدث مرات
و مرات ثانية و ثالثة لأن لا حياة فى رحم الصراع
و لا أمان بدون تعايش
و لكن رغم ذلك و حتى لو انطفأت النيران و اصبحت رماد ...سيظل هناك بعض من
الجمر يتوهج فى الخفاء أسفل هذا الرماد الخادع
و لكن ما يقلقنى ايضا هو المستقبل ,
من أن نتلقى نحن راية الفاشية ممن سبقونا و نمارسها ايضا كما مورست علينا
على جيل قادم سوف يطالب بالتغيير و نكون نحن الشموليون وقتها .
No comments:
Post a Comment